من شعر صلاح عبدالصبور
في رائعته: ليلى والمجنون
عذراً , لكنّي لا أملك أن أسكتْ
هل يعني هذا أنك تمنحنا عطله
الله
سأقضيها في النوم
ممدودًا في جوف سريري حتى تندمجَ الكتلةُ والإنسانْ
عنّى , عن أمي , عن جدّي يرحمه الله
قال :
منْ نام فشَفّ فمات
مات شهيدًا
وتحوَّلَ في أعطافِ الجنةِ مصطبةً يتكئ عليها رضوان
*******
ليلى
إنى رجل مرهَقْ
جاوزتُ العشرين ببضع سنين ,
لكني أشعر أني متغضّنْ
لا , وجهي , بل أعصابي وخيالي ودمائي
لا أبصر نفسي , بل أبصر مخلوقاً معروقاً هرماً
تتوكأ كتفاه على أقربِ حائط
ليلى
إنى أتعلق من رُسغي في حَبْلين
الحبلان صليبي وقيامة روحي
الحرية والحب
والحريةُ برقٌ قد لا يتفتّق عنه غيم الأيام الجهِمهْ
برْقٌ قد لا تبصره عينايَ , وعينَا جيلي المتْعَبْ
لكنَّ الحبَّ يلوحُ قريباً مني
ليلى
هل تدرينْ ?
ما معنى أن يمنح رجلٌ لامرأةٍ قلبَه ?
رجلٌ مثلي جافٌّ كالصبارْ
لا يملك إلا هذي الزهرهْ
*******
فى بلدٍ لا يحكُم فيه القانون
يمضي فيه الناسُ إلى السجن بمحضِ الصدفهْ
لا يوجد مستقبلْ
فى بلدٍ يتمدّد في جثته الفقرُ, كما يتمدد ثعبانٌ في الرملْ
لا يوجد مستقبلْ
*******
لا .. لا .. لا أملك إلا أن أتكلم
يا أهلَ مدينتِنا
يا أهلَ مدينتِنا
هذا قوْلي :
انفجروا أو موتوا
رعبٌ أكبرُ من هذا سوف يجئ
لن ينجيَكُمْ أن تعتصموا منه بأعالي جبل الصمتْ أو ببطون الغاباتْ
لن ينجيَكُمْ أن تختبئوا في حجراتكمُ
أو تحت وسائدكمْ, أو في بالوعات الحمّاماتْ
لن ينجيَكُمْ أن تلتصقوا بالجدرانِ, إلى أن يصبحَ كلُّ منكم ظلاّ مشبوحاً عانق ظلاّ
لن ينجيَكُمْ أن ترتدّوا أطفالا
لن ينجِيَكُمْ أن تقصر هاماتكموُ حتى تلتصقوا بالأرض
أو أن تنكمشوا حتى يدخل أحدكمو في سَمِّ الإبرةْ
لن ينجِيَكُمْ أن تضعوا أقنعة القِرَدَهْ
لن ينجيكم أن تندمجوا أو تندغموا حتى تتكوّن من أجسادكم المرتعدهْ
كومةُ قاذوراتْ
فانفجروا أو موتوا
انفجروا أو موتوا
*******
يا حاج علي
لا تنسَ أن تغلق باب المكتب
أن تغلق باب المبنى
هذا زمن لا يصلح أن نكتب فيه, أو نتأمل, أو نتغنى أو حتى .. نُوجَد
يا حاج علي
أغلق كلّ الأبواب
أغلق .. أغلق .. أغلق .
هناك تعليق واحد:
الله .. الله .. الله
لقد عبر هذا الشعر عما يجيش بداخل الكثيرين من أحاسيس .. أجدت الاختيار يا حرفاوي .. وكما يقال: البلاغة هي مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته
إرسال تعليق